الجمعة، 23 ديسمبر 2011

مازلت أبحث بداخلى عن تلك الموهبة التى تجعلنى ممتنة للحياة
تلك التى سأقول لوجودها فى الحياة شكرا لأنك موجودة

الخميس، 15 ديسمبر 2011

فراغ



صديقتى التى تتمنى أن تروح بيتها، فتجد أمها هناك
صديقتى الأخرى التى تخجل من البكاء من الوحدة أمام الواقعين فى الحب
أشعر بصداع عنيف من دموعى المحبوسة
لا تريد أن تنساب وتريحنى
أريد أن أبكى لأننى أعلم أنه سيأتى يوم أقول فيه قولكما، ومع ذلك يضيع الوقت منى وكأننى بلا أم، بلا حب ولا أعرف ماذا أفعل؟
خيوط من عجز تلف شرنقة حولى
أخرج من بيتى وأزرع الطرقات بأقدام مغتربة
الأماكن لم تعد كما كانت
أضيقت الشوارع التى كنت أحبها، سمائها أصبحت أدنى وبنايتها اقتربت من بعضها
كنت أحب ميادين بعينها، لا أعرف الآن أين ذهبت!
البيت بارد وبيت أمى غريب
والشوارع لم تعد شوارع مدينتى
أعود إلى البيت أكلم نفسى وأتناقش، ربما أجد أصل المشكلة
أريد أحدا يعتنى بى كطفلة ..فلا أجد
أصبحتُ أما تعتنى، ولا يُعتنى بها
استُهلكت روحى ولم يعد لدى المزيد
لم يعد لدى حتى ما كنت أواسى به نفسى
أصبحت ألوانى فقيرة، وكتاباتى سطحية
الفراغ الذى ملأ جوفى تنامى بشكل يرعبنى الآن
وكلما أفكر فى أمرى أشعر برغبة فى البكاء.
تخذلنى دموعى فأزداد صداعا وفراغا.

الأحد، 13 نوفمبر 2011

زبادى بالتوت


لم أكن كبقية الأطفال، يأكلون الزبادى بالسكر أو العسل. يبدو أن لدى مشكلة فى تذوق طعوم مختلطة. فلم يكن لدى القدرة على تذوق طعم اللبن الحامضى بالسكر، وكنت أشعر بالغثيان إذا شربت الزبادو.

أعترف لنفسى أن جهازى العصبى كان ساذجا (بسيط جدا) لدرجة التوتر والانزعاج إذا اختلط طعمان مختلفان فما بال جهاز مشاعرى إذا تعرض للحب؟

أخذت من الصدمات ما يكفى لأتعلم أن العلاقات الإنسانية ليست بهذه البساطة المفرطة التى تجعلنا نحلل العلاقات إلى عوامل منفصلة، كنت أرى الرجل منهم مجموعة من الصفات الجيدة مجتمعة فى إنسان، ويبدو أن قلبى قبل عقلى كان يعجز عن تركيب هذه الصفات معا ثم تفاعلها بشخصى أنا.

كم مرة عدت إلى منزلى مصدومة برد فعل منى أومنه غير متوقع بالنسبة لى. أبكى أحيانا، وأحيانا أخرى أكتب. أعود لأحلل من جديد، هادىء، يحب القراءة، رومانسى ، يسكن فى وسط البلد، صريح، منطو، يحب الكيمياء، مهوس بالسينما الأمريكانى... لم أكن من النضج الأنثوى الكافى لأرى مدى تشابك العلاقات الإنسانية، وتعقيد النفس البشرية. وأنه من السذاجة إخضاعها للعلاقات البسيطة فالأمر ليس دالة رياضية، الأمر أعمق وأعقد من ذلك بكثير، الأمر هيولى.

أعود وأرتب من جديد وأحلل وأفهم، أحاول أن أفهم. تفشل علاقاتى واحدة تلو الأخرى. أكتسب حذرا وشيئا أعمق من النظرة الخارجية التى تجعلنى أعجب برجل لأنه يشبه الصورة التى أحملها فى خيالى.

أكتسب خبرة فأحول مسار علاقات عند النقطة الفاصلة ومسارات أخرى منذ البداية، وأنهى الكثير من العلاقات التى لم تبدأ بعد.

العلاقات تأتى عند التفاصيل الدقيقة الصغيرة وتأخذ مسارات جديدة. إن أى تاثير بسيط جدا قد يحول مسارها إلى اتجاه مغاير تماما. الأمر الذى استوعبته أخيرا.

فى الواقع كونه سلبيا، كونى محبة للعزلة، كونه عصبيا، كونى مهوسة بالنظام، كونه ديكتاتورا، كونى منطلقة ... ليست أسبابا كافية أومؤثرة لأخذ منعطفا جديدا فى علاقة. قد تكون البيتزا بالجبن التى لم يدعونى ولو مرة لتناولها، أو الورد التركوازى الذى لم يحضره لى بدون مناسبة، أو حتى أغنية فيروز"بعدك على بالى" التى لم يسمعها هى التى شكلت مسار العلاقة الحقيقى.

أصل لنقطة أدرك فيها امتزاج جزيئات العلاقة بالعوامل المحيطة بها. ينتابنى شعور أننى أغوص فى دوامة من الألوان البرتقالية المختلطة بالبنفسجية ومع ذلك أطفو بحرية على سطحها. راحة. ارتباك. سعادة.أبتسم لنفسى غير آسفة على فشل جديد.

تدعونى صديقتى لتناول آيس كريم زبادى بالتوت، يقفز إلى حلقى فورا طعم الزبادو، أتردد قليلا ثم أقبل. أُفاجأ بنفسى وقد التهمته كاملا. كان صادما لى أن أنبهربالزبادى المخلوط بطعم حلو.

أفتح ثلاجتى أتناول كوب زبادى بالفراولة وقد امتلأ باقى الرف بجميع أنواع الزبادى بالفواكه



الاثنين، 31 أكتوبر 2011

كرة زجاجية (1)



دائما ما يضبطونك متلبسة بالشرود. تأخذك الخطوط التى تراها عيناك على أسطح الأشياء، يقولون لك أنها غير موجودة، ولكنك تؤكدين وجودها.ترينها وقد تحللت الأجسام فى عينيك إلى نسيج من خيوط طولية فقط. وأحيانا أخرى تتحول الأجسام لمكعبات صغيرة متراكبة تشبه لعبتك الأثيرة فى الطفولة "الميكانو". لم يصدقك إلا أستاذ الهندسة، عندما استطعت وحدك أن ترسمى البلورات ثلاثية الأبعاد من مجرد وصف رقمى كان بالنسبة للآخرين مجرد شفرات. تراقبين ذرات الغبار السابحة فى أشعة الشمس وتفوتك محطتك دائما بسبب عدك الرتيب لأعمدة النور. الأرقام تجرى برأسك فى فيضان زوجى، اثنين، أربعة، ستة، ثمانية، عشرة ... أثناء صعودك السلم، أثناء سيرك على الأسفلت، أثناء انتظارك لأشياء لا تحدث غالبا. رتم ممل، ولكنك دائما ما تضبطين نفسك وقد تسللتى إلى ما بعد المائة. تتحرك بلاطات الرصيف تحت قدميك، تهبط فجأة فعليك ألا تلمسين تلك البلاطات المسحورة، أو ترتفع فجأة لتصنع سدا ترتطمين به، وحدك تعرفين شفرات تلك البلاطات فتنتقى أرجلك ما تعرف أنه ثابتا لتضعين عليه أقدامك فى خطوات سريعة ورشيقة لتعبرى الطريق. يضحكون عليك أحيانا وأحيانا يشفقون، كثيرا ما تصطدمين بأعمدة النور فى المساء. عيناك المتعلقة بالسماء ترسم لك أبراجا من نجوم لا تُرى تحت غيوم ودخان مدينتك، سماء مدينتك خالية أصلا من النجوم لكنك تعرفين مكان كل نجم، وتصنعين أبراجا لا وجود لها فى كتب الفلك. برج القلب، برج القطار، برج المفتاح، برج النحلة. تضحكين بصوت عال فى الطرقات غير مبالية كلما اكتشفت عيناك برجا جديدا.

تقبعين داخل كرتك الزجاجية لا تصلك أصواتهم ولا تشعرين بذبذبات أجسادهم. فقط ترين إيماءاتهم ولا تفهمين. لا أحد يستطيع أن يخترق كرتك الزجاجية وأنتِ لا تجرئين على الخروج لهم.

الأحد، 30 أكتوبر 2011

طريق دائرى



أسكن فى السادس من أكتوبر وأعمل فى التجمع الخامس. أكثر من سبعين كيلومتر تزرعه حافلة الجامعة التى أعمل بها جيئة وذهابا يوميا على الطريق الدائرى. أعيش بداخل الأتوبيس ما لا يقل عن ساعتين ونصف يوميا، وتعيش بداخلى الآلاف من الأفكار التى تستيقظ عند مطلع الدائرى بجوار دريم لاند لتبدأ عملها الأثير فى عقلى، تدور لتصنع لى يوما مبتكرا من كل ما تقع عيناى عليه فى طريقى، من سيارات، وعوادمها، وبشر يستنشقونه، وبقايا الأراضى الزراعية التى يعيشون عليها، والبيوت ذات الطوب الأحمر الكئيب الذى زحف على بقايا الأخضر، والأبراج المطلة على النيل التى لا علاقة لها بالبيوت المبنية بالطوب الأحمر، والنيل نفسه، وجزيرة دهب الطافية عليه، واللانشات التى تعبر بجوارها مرورا بأسفل كوبرى الدائرى، والرادارات التى ليس لها لازمة فوق الدائرى، واللجان المرورية التى لا تستخدم الرادارات، ومئات الجنيهات التى تدفع فى اللجان المرورية، وحوادث الدائرى التى لا يردعها قانون ولا لجان مرورية ولا حتى مئات الجنيهات التى تدفع فيها، والشظايا المتناثرة من زجاج السيارات فى حوادث الدائرى، وإعلانات ال"out door" عن السيارات و الكمبوندات و...

عشرات الأعمدة من ال "out door" لا تكف أفكارى عن ملاحقتها لتصنع لى رغبة فى حياة وهمية لم تكن طموحاتى لتصل إليها، وأنا بكل سذاجة، أرانى أخرج من فيلتى فى "New Giza" المبنية بـ "حديد عز"، أركب سيارتى الـ "BMW" التى ربحتها من بنك "كريدى أجريكول" أركبها وأنا ذاهبة لنادى "وادى دجلة" ألعب الجولف بملابس "NIKE" يقطعنى رنين هاتفى ال"i Phone" أتلقى دعوة من أصدقائى لحفل بالـ"فور سيزونز" فلا أنسى أن أُجمّل فستانى بعقد اشتريته من "لازوردى" وتنقضى سهرتنا احتفالا بصديقتنا التى نجحت فى الانتخابات ممثلة للـ "حزب الوطنى".

ـ لا حول ولا قوة إلا بالله. يقولها أحدهم ويضرب كفا بكف. تتشوش أسراب أفكارى وتنهار خلية الأحلام الوهمية التى يصنعونها لى. وتعود أفكارى لتنطلق مجددا من خلف زجاج الحافلة لتشيع أحدى حوادث الدائرى ناسجة لى قصة جديدة. فتلك الشاحنة المنقلبة على جانبها مؤكد كانت تجرى بسرعة جنونية عندما كسرت عليها المتسوبيشى لانسر فجأة فتهشم جانب تلك الانسر فى محاولة من سائقها لتفادى أحد المشاة الذين يعبرون الدائرى كلاعبى الأكروبات المحترفين، ولكنه للأسف مغطى الآن بالجرائد ولا أعلم هل صدمته اللانسر أم هو الذى صدمها بعبوره المفاجىء للطريق؟ تصل أفكارى عند هذا الفقيد ولا تتركه من دون أن تمارس مهام عملها. يبدوأنه صعد على الدائرى كالآخرين الذين يتسلقونه على سلالم متكسرة كأسراب النمل الزاحفة على شجرة. هذا الزاحف على سلم الدائرى قد أتى من أحدى البيوت الحمراء تاركا امرآته وطفلين أو ثلاثة يقلمون ما بقى حول منزلهم من أخضر، حتى يعود لهم بيومية عمله التى يكسبها من العمل فى بناء أحدى الكومباوندات السكنية بالتجمع الخامس. تحضر لى الأفكار صورة حزينة لامرآته فى طرحتها السوداء بعد علمها بخبر زوجها. وتأتى لى بصورة حزينة أخرى لزوجة صاحب الميتسوبيشى بعد علمها بما حدث لسيارتهم. وتندفع الأفكار فى عرض صور متلاحقة لأم سائق الشاحنة المنقلبة تحمد الله أنه سليم وتبكى المصيبة التى تعرض لها مصدر رزقهم الوحيد. وصورة لصاحب الـ 128 المار بجوار الحادث متمتما "لا حول ولا قوة إلا بالله"ن وصورة متأفف فى ميكروباص أخرّه الحادث عن عمله. وصورة فتاة مثلى تدعو على من بنى هذا الدائرى الذى يعتبر من أهم الإنجازات، إلا إنه يصيبها بالإحباط الشديد وتتشاهد على روحها فى كل مرة تسلكه.

الدائرى تلك الكتلة الخرسانية بسياراتها، بإعلاناتها، بطرقاتها وحوادثها قد أحكمت قبضتها الخانقة على القاهرة.

تحاول أفكارى أن تفك القيد عنى قليلا عندما تصل معى عند تلك النقطة. تعرف جيدا أنها ستقتلنى بتلك اللعبة، فلا تدع شيئا على الدائرى إلا وتتبعه وتدور حوله لتصنع لى قصة عنه.


فبراير 2011